فصل: أحاديث الخصوم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث الخصوم

حديث ذي اليدين، وقد روى‏:‏ من حديث عمران بن حصين، ومن حديث ابن عمر‏.‏

فحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ‏[‏في ‏"‏باب تشبيك الأصابع في المسجد‏"‏ ص 69، ومسلم في ‏"‏باب السهو في الصلاة‏"‏ ص 213، واللفظ له، وأبو داود في ‏"‏باب السهو في السجدتين‏"‏ ص 151، وابن ماجه‏:‏ ص 86، الدارقطني‏:‏ ص 140‏)‏‏]‏ ومسلم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، قال‏:‏ صلى بنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، إحدى صلاتي العشي‏:‏ إما الظهر‏.‏ وإما العصر، فسلم في ركعتين، ثم أتى جذعًا في قبلة المسجد، فاستند إليها مغضبًا، وفي القوم أبو بكر‏.‏ وعمر، فهابا أن يتكلما، وخرج سرعان الناس، فقام ذو اليدين، فقال‏:‏ يا رسول اللّه أقصرت الصلاة، أم نسيت‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏ما يقول ذو اليدين‏"‏‏؟‏ قالوا‏:‏ صدق، لم تصل إلا الركعتين، فصلى ركعتين، وسلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم، وفي رواية للبخاري، قال‏:‏ ‏"‏لم أنس، ولم تقصر‏"‏، وفي رواية لهما ‏[‏كل ذلك، الخ‏:‏ هذا اللفظ لمسلم‏:‏ ص 213، ولم أجده في ‏"‏البخاري‏"‏‏.‏‏]‏، قال‏:‏ ‏"‏كل ذلك لم يكن، قال‏:‏ قد كان بعض ذلك‏"‏، وفي رواية للبخاري‏[‏في ‏"‏كتاب الأدب - في باب ما يجوز من ذكر الناس‏"‏ ص 894، وفي ‏"‏السهو‏"‏‏:‏ ص 164 أيضًا، ولفظ البخاري‏:‏ وفي القوم رجل، الخ‏.‏‏]‏، فقام رجل كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يدعوه ذو اليدين، فقال‏:‏ يا رسول اللّه أنسيت، أم قصرت‏؟‏، وفي لفظ لهما‏[‏البخاري في ‏"‏باب يكبر في سجدتي السهو‏"‏ ص 164 قريب منه، واللفظ لمسلم‏]‏‏:‏ صلى لنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صلاة العصر، وفي لفظ لهما ‏[‏هذا اللفظ عند مسلم فقط ص 213‏.‏

‏]‏‏:‏ صلى ركعتين من صلاة الظهر، ثم سلم، فأتاه رجل من بني سليم، ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع السابع عشر، من القسم الخامس، ولفظه‏:‏ قال‏:‏ صلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ الظهر‏.‏ أو العصر، فسلم في الركعتين، فقال ذو الشمالين ابن عبد عمرو، حليف لبني زهرة‏:‏ أخففت الصلاة، أم نسيت يا رسول اللّه‏؟‏ فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏ما يقول ذو اليدين‏؟‏ قالوا‏:‏ يا نبي اللّه، صدق، قال‏:‏ فأتم بهم الركعتين اللتين نقصهما، ثم سلم‏"‏، قال الزهري‏:‏ كان هذا قبل بدر، ثم استحكمت الأمور بعدُ، انتهى‏.‏ ورواه مالك في ‏"‏الموطأِ‏"‏ مالك ‏[‏في ‏"‏باب ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيًا‏"‏ ص 33، وأخرجه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 271 - ج 2 عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن‏.‏ وأبي بكر بن سليمان عن أبي هريرة، فذكره‏.‏‏]‏ عن ابن شهاب الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، قال‏:‏ بلغني أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار‏:‏ الظهر‏.‏ أو العصر، فسلم من اثنتين، فقال له ذو الشمالين، رجل من بني زهرة ابن كلاب‏:‏ أقصرت الصلاة يا رسول اللّه، أم نسيت‏؟‏ فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏ما قصرت الصلاة، وما نسيت، فقال له ذو الشمالين‏:‏ قد كان بعض ذلك يا رسول اللّه، فأقبل رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على الناس، فقال‏:‏ أصدق ذو اليدين‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، فأتم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ما بقي من الصلاة، ثم سلم‏"‏، انتهى‏.‏ قال ابن عبد البر في ‏"‏التقصي‏"‏‏:‏ هذا مرسل، إلا أنه يتصل من وجوه صحاح، انتهى‏.‏

وأما حديث عمران بن حصين ‏[‏حديث عمران هذا أخرجه مسلم في ‏"‏باب السهو في الصلاة والسجود له‏"‏ ص 214، وأما البخاري فلم أجد فيه هذا الحديث، واللّه أعلم، وأخرجه أبو داود‏:‏ ص 153، وابن ماجه‏:‏ ص 86‏.‏‏]‏‏:‏ فأخرجه البخاري‏.‏ ومسلم أيضًا عنه‏:‏ أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صلى العصر، فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل، يقال له‏:‏ الخرباق، وكان في يديه طول، فقال‏:‏ يا رسول اللّه، فذكر له صنيعه، فقال‏:‏ أصدق هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم‏"‏، وفي لفظ لهما‏:‏ فقام رجل بسيط اليدين، الحديث‏.‏

وأما حديث ابن عمر، فأخرجه أبو داود‏.‏ وابن ماجه ‏[‏الحديث أخرجه ابن ماجه في ‏"‏باب فيمن سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيًا‏"‏ ص 86، والسياق سياقه، مع تفاوت يسير، وأخرجه أبو داود في ‏"‏باب السهو في السجدتين‏"‏ ص 153 عن أحمد بن محمد بن ثابت‏.‏ ومحمد بن العلاء، ولم يسق المتن، وقال ابن أبي حاتم في ‏"‏عللّه‏"‏ ص 99‏:‏ قال أبي‏:‏ حديث أبي أسامة عن عبيد ا للّه عن نافع عن ابن عمر في قصة ذي اليدين منكر، أخاف أن يكون أخطأ فيه أبو أسامة، اهـ‏.‏‏]‏ عن أبي كريب الهمداني عن أبي أسامة عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال‏:‏ صلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ‏"‏يعني صلاة‏"‏ فسها فيها، فسلم في الركعتين، فقال له رجل، يقال له ذو اليدين‏:‏ يا رسول اللّه أقصرت الصلاة، أم نسيت‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏ما قصرت، ولا نسيت، قال‏:‏ إنك صليت ركعتين، قال‏:‏ أكما يقول ذو اليدين‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، فتقدم، فصلى ركعتين، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، انتهى‏.‏ وأخرجه أبو داود أيضًا عن أحمد بن محمد بن ثابت عن أبي أسامة به، وأخرجه ابن خزيمة في ‏"‏صحيحه‏"‏ عن أبي كريب‏.‏ وبشر بن خالد العسكري عن أبي أسامة به، وأخرجه الدارقطني عن أحمد بن سنان القطان - وهو من الثقات الأثبات - حدثنا أبو أسامة به، قال الدارقطني‏:‏ ولا نعلم حدث به غير أحمد بن سنان القطان - وهو من الثقات الأثبات - والعجب من الدارقطني، وعلو مرتبته، كيف يقول مثل هذا، وقد رواه أبو كريب ‏[‏قلت‏:‏ وعلي بن محمد أيضًا روى ابن ماجه عنه، وعن أبي كريب، وأحمد بن سنان عن أبي أسامة، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة، عند الطحاوي‏:‏ ص 257‏.‏‏]‏‏.‏ وأحمد بن ثابت‏.‏ وبشر بن خالد، كما قدمناه، ولكن تخلص بقوله‏:‏ لا نعلم، واللّه أعلم، ولأصحابنا عن حديث ذي اليدين جوابان‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه منسوخ بحديث زيد بن أرقم، وحديث ابن مسعود‏.‏

فحديث زيد بن أرقم‏:‏ أخرجه البخاري ‏[‏في ‏"‏باب ما ينهى من الكلام في الصلاة‏"‏ ص 160، ومسلم في ‏"‏باب تحريم الكلام في الصلاة‏"‏ ص 204‏.‏‏]‏ ومسلم عنه، قال‏:‏ كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت‏:‏ ‏{‏وقوموا للّه قانتين‏}‏، [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام، انتهى‏.‏

وحديث ابن مسعود أيضًا أخرجاه عنه ‏[‏البخاري‏:‏ ص 160، ومسلم‏:‏ ص 204، وأبو داود في ‏"‏باب رد السلام في الصلاة‏"‏ ص 140‏.‏‏]‏، قال‏:‏ كنا نسلم على رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، فقلنا‏:‏ يا رسول اللّه، كنا نسلم عليك، فترد علينا، فقال‏:‏ ‏"‏إن في الصلاة شغلا‏"‏، انتهى‏.‏ أخرجاه عن إبراهيم عن علقمة عنه، وأخرجه أبو داود ‏[‏في ‏"‏باب رد السلام في الصلاة‏"‏ ص 140، والنسائي في ‏"‏باب الكلام في الصلاة‏"‏ ص 181، والطحاوي ص 261‏.‏‏]‏ عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عنه، قال‏:‏ كنا نسلم في الصلاة، ونأمر بحاجتنا، فقدمت على رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو يصلي، فسلمت عليه، فلم يرد علي السلام، فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى الصلاة، قلت‏:‏ يا رسول اللّه، إنك كنت ترد علينا، قال‏:‏ إن اللّه يحدث من أمره ما يشاء، وأنه قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة، انتهى‏.‏ وكذلك رواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏، قال البيهقي‏:‏ ورواه جماعة من الأئمة عن عاصم بن أبي النجود، وتداوله الفقهاء، إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم، لسوء حفظه، فأخرجاه من طريق آخر ببعض معناه، انتهى‏.‏ قال أصحابنا‏:‏ وذو اليدين قتل يوم بدر، وقد قال الزهري ‏[‏قال البيهقي‏:‏ ص 341 - ج 2، قال الزهري‏:‏ كان ذلك قبل بدر، ثم استحكمت الأمور‏.‏‏]‏‏:‏ إن قصة ذي اليدين في الصلاة كانت قبل بدر، وإسلام أبي هريرة كان عام خيبر بعد بدر بخمس سنين، ولا يمتنع كون أبي هريرة رواه، وهو متأخر الإِسلام عن بدر، لأن الصحابي قد يروى مالا يحضره ‏[‏روى ابن سعد في ‏"‏طبقاته‏"‏ ص 13 - ج 7، في النصف الأول منه عن الحسن بن موسى الأشيب، قال‏:‏ حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أنس بن مالك أنه حدث بحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال له رجل‏:‏ أنت سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏؟‏ فغضب غضبًا شديدًا، وقال‏:‏ لا، واللّه ما كل ما نحدثكم سمعنا من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولكنا لا يتهم بعضنا بعضًا، اهـ‏.‏ قال الجصاص في ‏"‏أحكام القرآن‏"‏ ص 527 - ج 1‏:‏ قال البراء‏:‏ ما كل ما نحدثكم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سمعناه، ولكنا سمعنا وحدثنا أصحابنا، اهـ‏.‏ وقد تقدم أن جميع مسموعات ابن عباس سبعة عشر حديثًا، اهـ، وقال ابن حزم في ‏"‏الفصل‏"‏ ص 137 - ج 4‏:‏ إنه روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أزيد من ألف وخمسمائة حديث، اهـ‏.‏‏]‏ بأن يسمعه من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، أو من صحابي آخر، وأجاب البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏ بأن أبا هريرة شهد قصة ذي اليدين في الصلاة، وحضرها، كما ورد في ‏"‏الصحيحين‏"‏ عنه، قال‏:‏ صلى بنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏[‏قوله‏:‏ صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، الخ‏:‏ استدل الشافعية بهذا اللفظ، على أن أبا هريرة كان حاضرًا عند واقعة ذي اليدين، لاتفاق الجميع على أن أبا هريرة أسلم عام خيبر، سنة سبع، وأن ذا الشمالين استشهد ببدر، فذو اليدين، غير ذي الشمالين‏:‏

وأجاب عنه الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 261‏:‏ بما روى عن ابن عمر أن إسلام أبي هريرة كان بعد قتل ذي اليدين، وإنما قول أبي هريرة‏:‏ صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏يعني بالمسلمين‏"‏ وهذا سائغ في اللغة، ثم روى عن النزال بن سبرة، قال‏:‏ قال لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنا وإياكم ندعي ابن عبد مناف‏"‏، الحديث، وقال‏:‏ نزال بن سبرة لم ير النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقال‏:‏ روى عن طاوس أنه قال‏:‏ قدم علينا معاذ بن جبل، وأراد به قدومه اليمن، لأن قدومه كان قبل أن يولد طاوس، وقال‏:‏ روى عن الحسن، قال‏:‏ خطبنا عتبة بن غزوان، يريد خطبته بالبصرة، والحسن لم يكن بالبصرة رحمه اللّه، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ ما قال الطحاوي سائغ، وله أمثلة كثيرة‏:‏ منها ما رواه هو في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 245 عن ابن أبي ليلى، قال‏:‏ خطبنا عمر، وفي ص 209، قال‏:‏ صلى بنا عمر، وفي النسائي‏:‏ ص 209 في ‏"‏كتاب الجمعة‏"‏ عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر، اهـ‏.‏ وروى البيهقي في ‏"‏سننه الكبير‏"‏ ص 168 - ج 4 عن الحسن، قال‏:‏ خطبنا ابن عباس بالبصرة، وقال‏:‏ قال علي بن المديني‏:‏ الحسن لم يسمع من ابن عباس، وما رآه قط، قال‏:‏ إنما هو كقول ثابت‏:‏ قدم علينا عمران بن حصين، ومثل قول مجاهد‏:‏ خرج علينا علي، وكقول الحسن‏:‏ إن سراقة بن مالك حدثهم، وروى البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ ص 491 - ج 2 عن الحسن، قال‏:‏ أمَّنا علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، قلت‏:‏ قالوا‏:‏ إن الحسن لم يصح لقاءه لعلي رضي اللّه عنه، وأخرج أبو داود في ‏"‏الخراج - في باب كيف إخراج اليهود من المدينة‏"‏ ص 66 - ج 2 عن أبي هريرة أنه قال‏:‏ بينا نحن في المسجد إذ خرج إلينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فذكر قصة إخراج اليهود، وكان هذا قبل حنين، وقبل إسلام أبي هريرة رضي اللّه عنه، وروى البخاري في ‏"‏الحدود‏"‏ ص 1002 عن السائب، قال‏:‏ نؤتي بالشارب في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلمن فنقوم إليه، الحديث، قال الحافظ في ‏"‏الفتح‏"‏ ص 59 - ج 12‏:‏إسناد القائل الفعل بصيغة الجمع التي يدخل هو فيها مجاز، لان السائب كان صغيرًا جدًا في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم، فكان المراد بقوله‏:‏ كنا، أي الصحابة، اهـ‏.‏ وروى أبو داود في ‏"‏باب الصلاة على المسلم يموت بأرض الشرك‏"‏ ص 101 - ج 2 عن أبي موسى الأشعري، قال‏:‏ أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض النجاشي، الحديث‏.‏

قلت‏:‏ إن أبا موسى أول ما لقى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام خيبر، وقد رجع عن الحبشة مع جعفر رضي اللّه عنه، ومن هذا الباب حديث زيد بن أرقم، عند ابن حبان، قال‏:‏ معنى قول زيد‏:‏ كنا نتكلم، أي كان قومي يتكلمون‏.‏

فإن قلت‏:‏ هب أن هذا شائع في اللغة جائز، إذا كان بصيغة الجمع، وأما في لفظة‏:‏ بينا أن أصلي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلا مساغ له، وقد روى مسلم من حديث يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة بهذا اللفظ، قلنا‏:‏ إذا ثبت أن أبا هريرة إنما أسلم بعد قتل ذي اليدين، وأن ذا اليدين هو ذو الشمالين، وأنه قتل ببدر، فاليؤوّل هذا اللفظ أيضًا، بما يؤوّل به أمثاله، روى الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 48 - ج 4 باسناد رواته ثقات عن أبي هريرة، قال‏:‏ دخلت على رقية بنت النبي صلى اللّه عليه وسلم، واتفقوا على أن رقية توفيت في السنة الثانية من الهجرة، في رمضان، قبل إسلام أبي هريرة بخمس سنين، وروى الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ص 232 عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال‏:‏ كنت عند عمر، الحديث، وقال ابن معين لم يثبت سماع ابن أبي ليلى من عمر، اهـ‏.‏ فنقول فيه‏:‏ لعلّ أصل الحديث‏:‏ دخلنا، وكنا فغيَّرة بعض الرواة إلى هذا، وهذا، وإن لم نعثر عليه في رواية، لكن لابد له إذا حفظنا الراوي عن نسبة الخطا إليه، وأما حديث يحيى الذي عند مسلم، فاللفظ الذي استدل به هو من رواية شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى، وهو ابن أبي كثير عن أبي سلمة، انفرد به شيبان من أصحاب يحيى، ويحيى مدلس، روى عن أبي سلمة بالعنعنة، وروى ابن المبارك الحديث عن يحيى، ولم يذكر هذا اللفظ، وروى الطحاوي الحديث‏:‏ ص 258، من طريق حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير، قال‏:‏ حدثنا أبو سلمة، قال‏:‏ حدثنا أبو هريرة، قال‏:‏ صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم ذكر نحوه، اهـ فطريق حرب الذي فيه التصريح بتحديث أبي سلمة يحيى يوافق سائر من روى عن أبي سلمة‏.‏ وأبي هريرة بلفظ الجمع، فطريق شيبان إما وهم منه، وتصرف في الرواية، خالف به جميع من روى عن يحيى بن أبي كثير‏.‏ وأبي سلمة‏.‏ وأبي هريرة، أو من تدليس يحيى‏.‏ فبالجملة‏:‏ هذا أخف وأهون من تخطئة الزهري‏.‏ وعمران بن أبي أنس‏.‏ وأيوب عن ابن سيرين‏.‏

وتأويل ما في الحديث من قوله‏:‏ قالوا‏:‏ صدق، لم تصلّ إلا ركعتين، وقوله‏:‏ قالوا‏:‏ نعم يا رسول اللّه، وغير ذلك مما أجاب به القوم نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏"‏بأومأوا‏"‏ وقولهم‏:‏ بأن ذا اليدينن قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ بعض ذلك، قد كان يا رسول اللّه، وكان يظن أنه أتم صلاته، وقد سمع من النبي صلى اللّه عليه وسلم قبل ذلك‏:‏ لم تقصر الصلاة، وغير ذلك من التأويلات التي لا يسوى بها الحديث على ما هم عليه الآن من مذهبهم، فمن ارتكب هذه الأمور كلها لتسلم له‏:‏ بينا أنا أصلي، في رواية شيبان، فهو كمن حفظ بيتًا، وهدم مدينة، واللّه أعلم، وعلمه أتم‏.‏‏]‏، وفي لفظ‏:‏ بينا نحن نصلي مع رسول اللّه إحدى صلاتي العشى، قال والذي قتل ببدر إنما هو ذو الشمالين، اسمه ‏"‏عمير بن عمرو‏"‏ خزاعي، قال‏:‏ وقد أجمعوا على أن إسلام أبي هريرة كان عام خيبر سنة سبع، بعد بدر بخمس سنين، انتهى‏.‏ وقال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏ أيضًا‏:‏ وهَم الزهري في قوله‏:‏ ذو الشمالين، وإنما هو ذو اليدين، وذو الشمالين تقدم موته فيمن قتل ببدر، وذو اليدين ‏[‏قلت‏:‏ أخرج الطحاوي‏:‏ ص 261 من طريق العمري عن نافع عن ابن عمر أنه ذكر له حديث ذي اليدين، فقال‏:‏ كان إسلام أبي هريرة بعد ما قتل ذو اليدين، اهـ‏.‏ رواته ثقات، إلا العمري، وهو عبد اللّه بن عمر ابن حفص، قال الذهبي‏:‏ صدوق، في حفظه شيء، اهـ‏.‏ وقال أيضًا في ‏"‏الميزان‏"‏‏:‏ قال ابن معين في نافع‏:‏ ثقة صالح، اهـ‏.‏‏]‏ بقي بعد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فيما يقال ‏[‏أشار إلى ضعف مستند هذا القول، كما ستقف في الكلام على قول السهيلي إن شاء اللّه تعالى‏]‏ وقال في موضع آخر‏:‏ وذو الشمالين، هو ابن عبد عمرو بن نضلة، حليف لبني زهرة، من خزاعة، استشهد يوم بدر، هكذا ذكره عروة بن الزبير، وسائر أهل العلم بالمغازي، قال ابن إسحاق‏:‏ لا عقب له، وأما ذو اليدين، فقال يحيى بن كثير ‏[‏قلت‏:‏ أخرج حديثه مسلم‏:‏ ص 214، وأحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 433 - ج 2 عن حسن بن موسى حدثنا شيبان بن عبد الرحمن حدثنا يحيى، فذكره، أجاب عنه الشيخ النيموي، بأن المراد به سليم بن ملكان، وهو من ‏"‏خزاعة‏"‏ لا سليم بن منصور، الذي ليس بخزاعي، اهـ‏.‏‏]‏‏:‏ في حديثه رجل من بني سليم، وشعيب بن مطير ‏[‏أخرج حديث شعيب هذا أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 77 من حديث معدي بن سليمان حدثنا شعيب بن مطير عن أبيه، قال‏:‏ النيموي هذه سلسلة الضعفاء، ثم ذكر ضعف كل واحد منهم‏.‏‏]‏ يروى عن أبيه عن ذي اليدين، قال البيهقي‏:‏ وليس في حديث زيد بن أرقم، كنا نتكلم في الصلاة، دلالة على أنه بعد حديث ذو اليدين، لأن زيد بن أرقم من متقدمي الصحابة، روى عنه أنه قال‏:‏ غزوت مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ سبع عشرة غزوة، وأبو هريرة إنما صحب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بخيبر، وصحبه ثلاث سنين، أو أربعًا، روى عن قيس ابن أبي حازم، قال‏:‏ سمعت أبا هريرة، يقول‏:‏ صحبت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ثلاث سنين، وابن مسعود فقد شهد بدرًا، لأنه هاجر إلى الحبشة، ثم رجع إلى مكة، ثم رجع إلى المدينة، وشهد بدرًا، ذكره موسى بن عقبة في ‏"‏مغازيه‏"‏، وهي أصح المغازي عند أهل الحديث‏:‏ روى عبد اللّه بن عتبة عن عبد اللّه بن مسعود‏[‏لابن مسعود هجرتان إلى الحبشة، كما قال ابن سعد وغيره من أهل السير، قال ابن حجر في ‏"‏الفتح‏"‏ ص 60 - ج 3‏:‏ أراد ابن مسعود رجوعه الثاني، وقد ورد أنه قدم المدينة، والنبي صلى اللّه عليه وسلم يتجهز إلى بدر، اهـ‏.‏ ثم استدل على ذلك، ثم قال‏:‏ فظهر أن اجتماعه بالنبي صلى اللّه عليه وسلم بعد رجوعه إلى الحبشة، كان بالمدينة‏.‏‏]‏، قال‏:‏ بعثنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى النجاشي، وهم ثمانون رجلًا، فذكر القصة، وفي آخرها‏:‏ فبادر ابن مسعود، وجاء فشهد بدرًا، وحديث أبي هريرة، في قصة ذي اليدين، كان بعد ذلك، وعمران بن حصين، قال الحميدي، وهو أحد أركان الحديث‏:‏ كان إسلامه بعد بدر، وقد حضر صلاة النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقوله‏:‏ الخرباق، ومعاوية بن حديج كان إسلامه قبل وفاة النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بشهرين، وقد حضر قصة طلحة بن عبيد اللّه، وروينا عن الأوزاعي، قال‏:‏ كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الأمر، فلم يأمره عليه السلام بإِعادة الصلاة ‏[‏لم يأمره بالاعادة، قلت‏:‏ أما قوله عليه السلام‏:‏ هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن فهذا أعم للمتعمد‏.‏ والناسي، فكلام معاوية إن كان من كلام الناس، فقد أمره النبي صلى اللّه عليه وسلم بإعادة الصلاة، وأما إنه عليه السلام لم يأخذه بيده، ولم يخرجه من المسجد، ولم يهيء له الوضوء، فهذا لم يفعله عليه السلام، لأن في قوله كفاية لمن اكتفى، واللّه أعلم‏.‏‏]‏ وقوله‏:‏ إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، أي الكلام العمد الذي يمكن الاحتراز منه، وحديث ذي اليدين في كلام السهو، قال‏:‏ والدليل على عدم النسخ ما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ ‏[‏قلت‏:‏ ورواه الطيالسي في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 346، والبيهقي‏:‏ ص 26 - ج 2 عن حماد بن زيد عن عسل بن سفيان التميمي عن عطاء، فذكره، وعسل بن سفيان ضعيف، ورواه الطحاوي‏:‏ ص 256، وفيه جابر، وهو ضعيف، وروى البيهقي من طريق أخرى، وفيه الحارث بن عبيد، ضعفه ابن معين، وقال النسائي‏:‏ ليس بالقوي، وقال أحمد‏:‏ مضطرب الحديث، وعنه قال‏:‏ لا أعرفه‏.‏‏]‏، وأسند إلى عطاء أن ابن الزبير صلى بهم ركعتين من المغرب، ثم سلم، ثم قام إلى الحجر ليستلمه، فسبح به القوم، فالتفت إلينا، وقال‏:‏ ما أتممنا الصلاة‏؟‏ فقلنا برؤوسنا‏:‏ لا، فرجع فصلى الركعة الباقية، ثم سجد سجدتين، فذكر ذلك لابن عباس، فقال‏:‏ ما أماط عن سنة نبيه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى كلامه‏.‏

وقال السهيلي في ‏"‏الروض الأنف ‏[‏قوله‏:‏ قال السهيلي في ‏"‏الروض الأنف‏"‏، الخ‏:‏ قلت‏:‏ أخطأ السهيلي في هذه العبارة في مواضع‏:‏ -

الأول‏:‏ إن الحديث الذي استدل به هو‏.‏ والبيهقي‏.‏ وشيخه أبو عبد اللّه الحاكم على تأخر موت ذي اليدين، رواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 77 - ج 4، والبيهقي في ‏"‏السنن الكبرى‏"‏ ص 366 - ج 2 من طريق معدي بن سليمان عن شعيب بن مطير عن أبيه، وهؤلاء كلهم ضعفاء، رد بهذه الرواية الضعيفة على الزهري، وهو‏:‏ إمام الحديث‏.‏ والمغازي، قال ابن تيمية في ‏"‏فتاواه‏"‏ ص 145 - ج 2‏:‏ إن الزهري من أعلم الناس في زمانه بالسنة، اهـ‏.‏

والثاني‏:‏ أنه ظن أن مطيرًا هو ابن لذي اليدين، وهذا غلط أيضًا، فان مطيرًا هذا، مطير بن سليم الوادي، ذكره ابن حجر في ‏"‏التهذيب‏"‏ وسياق الحديث الذي استدل به يرده أيضًا، فان فيه قال شعيب لأبيه مطير‏:‏ يا أبتاه‏!‏ إنك أخبرتني أنه لقيك ذو اليدين بذي الخشب، فأخبرك، وهذا السياق يأبى أن يكون مطير ابنًا لذي اليدين، واللّه أعلم‏.‏

والثالث‏:‏ أنه زعم أن إسلام أبي هريرة كان بعد بدر بسنتين، وهذا بمعزل عن الصواب، لأن وقعة بدر كانت في رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وأسلم أبو هريرة عام خيبر، ووافى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخيبر، وغزوة خيبر كانت في السنة السابعة عند الجمهور الذين أول عامهم من المحرم، وفي آخر السنة السادسة عند من يظن أن ابتداء السنة من ربيع الأول، كابن حزم، ومن وافقه، وبين بدر‏.‏ وخيبر أكثر من أربع سنين‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 2‏)‏‏:‏ - الحديث السابع والسبعون‏:‏ قال عليه السلام‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

والرابع‏:‏ أنه ظن أن الزهري منفرد بذكر ذي الشمالين، وهذا أيضًا خطأ، فإنه كما روى الزهري هذا الحديث عن أبي سلمة‏.‏ وأبي بكر بن سليمان‏.‏ وابن المسيب‏.‏ وعبيد اللّه بن عبد اللّه عن أبي هريرة، روى حديثه النسائي‏:‏ ص 183، والدارمي‏:‏ ص 185، وأحمد‏:‏ ص 271 - ج 2، ومالك‏:‏ ص 33‏.‏ وسماه بذي الشمالين، كذلك روى عمران بن أبي أنس عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وسماه بذي الشمالين، وروى حديثه النسائي‏:‏ ص 182، والطحاوي‏:‏ ص 258، وروى أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 284 - ج 2 عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة الحديث، وفيه‏:‏ فقال ذو الشمالين‏:‏ أخففت الصلاة أم نسيت يا رسول اللّه‏؟‏ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما يقول ذو اليدين‏؟‏‏!‏‏"‏ الحديث، وهذه من رواية الثقات الأثبات، كما ترى‏.‏

والعجب من السهيلي، وكل من يفرق بين ذي اليدين‏.‏ وذي الشمالين أنهم يعتمدون فيه على رواية معدي بن سليمان عن شعيب عن مطير، وهم ضعفاء، ولم أر لهم مسندًا غيرها، ويردون بها رواية الزهري عن أبي سلمة‏.‏ وأبي بكر بن سليمان‏.‏ وابن المسيب‏.‏ وعبيد اللّه بن عبد اللّه عن أبي هريرة، ورواية عمران بن أبي أنس عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ورواية أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، ورواية أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وأن السهيلي يرد بها على مبرد، ويزعم أنه رأى إسناد الزهري فقط، والحال أن المتن الذي ذكره المبرد ليس من سياق الزهري في شيء، بل لو قال‏:‏ إنه رأى طريق ابن سيرين فقط لكان له وجه، لأنه قال في ‏"‏الكامل‏"‏ ص 308 - ج 3‏:‏ ومنهم، أي من الأزواء، ثم من خزاعة، ذو اليدين، سماه بذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - ذا اليدين - وكان قبل يدعى‏:‏ ذا الشمالين، الخ‏.‏ وهذا يرشدك إلى أنه كان له اسم يسمى به، وهو‏:‏ ذو الشمالين، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يسميه بهذا الاسم لتشاؤمه، كما في حديث الصدقة‏:‏ ‏"‏الصدقة يأخذها اللّه بيمينه، وكلا يديه يمين‏"‏، وكان يسميه بذي اليدين، صونًا له عن نبزه باللقب الجاهلي، كما سمى ‏"‏مهاجره‏"‏ بالمدينة، وكان قبل يسمى‏:‏ بيثرب، وسمى ‏"‏العتمة‏"‏ بالعشاء، وهذا مصرح في طريق ابن سيرين، بعضه في البخاري‏:‏ ص 164، و ص 894 من طريق يزيد بن إبراهيم عنه، ولفظه‏:‏ وفي القوم رجل كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يدعوه ذو اليدين، والبعض في طريق أيوب عنه، عند أحمد‏:‏ ص 284 - ج 2، كما ذكرته آنفًا، ولهذا تراهم يتفقون على لفظة‏:‏ ذي اليدين، فيما ينقلون من ألفاظه صلى اللّه عليه وسلم، وإنما يذكر الزهري‏.‏ وعمران‏.‏ ومحمد بن سيرين من لفظ أبي هريرة، فيما يسميه من عند نفسه، واللّه أعلم‏.‏

وأطنب الكلام في هذا المرام ابن التركماني في ‏"‏الجوهر النقي‏"‏ والشيخ النيموي في ‏"‏آثار السنن‏"‏ فارجع إليهما‏.‏‏]‏‏"‏‏:‏ روى الزهري حديث التسليم من الركعتين، وقال فيه‏:‏ فقال ذو الشمالين، رجل من بني زهرة، فقال‏:‏ أقصرت الصلاة، أم نسيت‏؟‏ فقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏أصدق ذو اليدين‏؟‏‏"‏ لم يروه أحد هكذا إلا الزهري، وهو غلط عند أهل الحديث، وإنما هو‏:‏ ذو اليدين السلمي، واسمه ‏"‏خرباق - وذو الشمالين‏"‏، قتل ببدر، والحديث شهده أبي هريرة، وكان إسلامه بعد بدر بسنتين، ومات ذو اليدين السلمي في خلافة معاوية، وروى هذا الحديث عنه ابنه مطير بن الخرباق، ورواه عن مطير ابنه شعيب بن مطر، ولما رأى المبرد حديث الزهري، قال‏:‏ ذو اليدين، هو‏:‏ ذو الشمالين، كما يسمى بهما جميعًا، ذكره في آخر ‏"‏كتابه الكامل‏"‏، وجهل ما قاله أهل الحديث والسِّيَر، انتهى‏.‏

قلت‏:‏ وهكذا قال ابن سعد في ‏"‏الطبقات ‏[‏طبقات ابن سعد‏"‏ ص - ج 118 - ج 3 من الحصة الأولى، وهكذا قال ابن حبان في ثقاته‏:‏ ذو اليدين، ويقال‏:‏ ذو الشمالين أيضًا، ابن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي، وقال أيضًا‏:‏ ذو الشمالين، عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن عامر ابن الحارث بن غيثان الخزاعي، حليف بني زهرة، اهـ‏:‏ وقال أبو عبد اللّه محمد بن يحيى العدني في ‏"‏مسنده‏"‏ قال أبو محمد الخزاعي‏:‏ ذو اليدين أحد أجدادنا، وهو ذو الشمالين، اهـ‏.‏ قال النيموي في ‏"‏آثار السنن - وفي مجمع الزوائد‏"‏ ص 152 - ج 2 عن ابن عباس، قال‏:‏ صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثًا، ثم سلم، فقال له ذو الشمالين‏:‏ أنقصت الصلاة، الحديث، رواه البزار‏.‏ والطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ وفيه‏:‏ جابر الجعفي، وثقه شعبة‏.‏ والثوري‏.‏ وضعفه الناس، اهـ‏]‏‏:‏ ذو اليدين، ويقال‏:‏ ذو الشمالين، اسمه عمير بن عمرو بن نضلة من خزاعة، انتهى‏.‏ الجواب الثاني لأصحابنا‏:‏ عن حديث ذي اليدين، قالوا‏:‏ إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة، بدليل أن أبا بكر‏.‏ وعمر‏.‏ وغيرهما من الناس تكلموا عامدين، وأجاب الخطابي عن هذا بأمرين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنهم لم يتكلموا، ولكنهم أشاروا، وقع ذلك في رواية حماد بن زيد عن أيوب، أنهم أومأوا ‏[‏قوله‏:‏ فأومأوا الخ‏:‏ قال أبو داود في ‏"‏باب السهو في السجدتين‏"‏ ص 152‏:‏ لم يقل فأومأوا إلى حماد ابن زيد، اهـ‏.‏ وقال الدارقطني‏"‏ ص 140، قال أبو داود‏:‏ وكل من روى هذا الحديث لم يقل‏:‏ فأومأوا، إلا حماد ابن زيد، وقال البيهقي في‏:‏ ص 357 - ج 2، بعد ذكر قول أبي داود، وقال الشيخ‏:‏ ولم يبلغنا إلا من جهة أبي داود عن محمد بن عبيد عن حماد بن زيد، وهم ثقات أئمة، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ روى أبو الربيع الزعفراني عن حماد، عند مسلم، ولم يقل‏:‏ فأومأوا، وروى أسد عن حماد، عند الطحاوي، وقال‏:‏ نعم، وكذا سليمان بن أيوب، عند الدارقطني، وروى مسلم من حديث ابن عيينة عن أيوب، ولفظه‏:‏ صدق، لم تصل إلا ركعتين، وروى النسائي من حديث الزهري، وفيه‏:‏ صدق يا رسول اللّه‏]‏ أي نعم، ورواية من روى أنهم قالوا‏:‏ نعم، إنما هو تجوُّز، ونقل بالمعنى، كما يقول الرجل‏:‏ قلت برأسي‏:‏ نعم‏.‏ الثاني‏:‏ أن ذلك من خصائص النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وكل كلام كان جوابًا لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فغير منسوخ جوازه في الصلاة، يدل عليه حديث أبي سعيد بن المعلى ‏[‏عند البخاري ص 749‏.‏‏]‏ قال‏:‏ كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فلم أجبه، ثم أتيته، فقلت‏:‏ يا رسول اللّه إني كنت أصلي، فقال‏:‏ ألم يقل اللّه‏:‏ ‏{‏استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم‏}‏‏ [الأنفال:24]‏ وإذا ثبت أن جواب الرسول واجب، لم يبطل، انتهى‏.‏ وقال الشيخ تقي الدين في‏"‏الإمام‏"‏‏:‏ وبهذا الحديث استدل من قال‏:‏ إن المتكلم بكلام واجب عليه لا يبطل، انتهى‏.‏ واللّه أعلم، وقال ابن حبان ‏[‏قال الحافظ في ‏"‏الفتح‏"‏ ص 60 - ج 3‏:‏ أما قول ابن حبان‏:‏ كان النسخ بمكة قبل الهجرة، بثلاث سنين، قال‏:‏ ومعنى قول زيد بن أرقم‏:‏ كنا نتكلم، أي كان قومي يتكلمون، لأن قومه كانوا يصلون قبل الهجرة مع مصعب بن عمير، وكان يعلمهم القرآن، فلما نسخ الكلام بمكة، بلغ ذلك أهل المدينة، تركوه، فهو متعقب بأن الآية مدنية بالاتفاق، وبأن إسلام الأنصار، وتوجه مصعب بن عمير إليهم إنما كان قبل الهجرة بسنة واحدة، وبأن في حديث زيد بن أرقم‏:‏ كنا نتكلم خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كذا أخرجه الترمذي، فانتفى أن يكون المراد الأنصار الذين كانوا بالمدينة قبل هجرة النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأجاب ابن حبان في موضع آخر‏:‏ بأن زيد بن أرقم أراد بقوله‏:‏ كنا نتكلم، من كان يصلي خلف النبي صلى اللّه عليه وسلم بمكة من المسلمين، وهو متعقب أيضًا بأنهم ما كانوا يجتمعون بمكة إلا نادرًا، وبما روى الطبراني من حديث أبي أمامة، قال‏:‏ كان الرجل إذا دخل المسجد فوجدهم يصلون سأل الذي إلى جنبه، فيخبره بما فاته فيقضي، ثم يدخل معهم، حتى جاء معاذ يومًا، فدخل في الصلاة، فذكر الحديث، وهذا كان بالمدينة قطعًا، لأن أبا أمامة‏.‏ ومعاذ بن جبل إنما أسلما بها، اهـ‏.‏ ومثل حديث أبي أمامة حديث معاذ، عند أحمد‏:‏ ص 246 - ج 5، ولفظه‏:‏ وكان الرجل يشير إلى الرجل إن جاء، كم صلى‏؟‏ فيقول‏:‏ واحدة‏.‏ أو اثنتين، فصلاهما، اهـ‏.‏ وفي أبي داود في ‏"‏الأذان‏"‏ ص 81، كان الرجل إذا جاء يسأل، فيخبر بما سبق من صلاته، اهـ‏.‏ ثم ذكر مجيء معاذ، وتقدم الحديث في ‏"‏الأذان‏"‏ ص 140‏.‏

‏]‏‏:‏ تحريم الكلام إنما كان بمكة، فلما بلغ المسلمون بالمدينة سكتوا، فقال زيد بن أرقم، وهو من أهل المدينة، يحكي الحال‏:‏ كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت ‏{‏وقوموا للّه قانتين‏}‏ [البقرة: 238] فأمرنا بالسكوت، وقال الخطابي‏:‏ نسخ الكلام بعد الهجرة بمدة يسيرة، وعلى القولين، قد كان ذاك قبل إسلام أبي هريرة بسنين، انتهى‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الحديث السابع والسبعون‏:‏ قال عليه السلام‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

- حديث آخر للخصوم‏:‏ عن معاوية بن حديج ‏[‏معاوية بن حديج - مصغرًا - بالحاء المهملة ثم الجيم‏.‏‏]‏ رضي اللّه عنه‏:‏ أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صلى يومًا، فسلم، وقد بقيت من الصلاة ركعة، فأدركه رجل، فقال‏:‏ نسيت من الصلاة ركعة، فرجع، فدخل المسجد، وأمر بلالًا، فأقام الصلاة، فصلى للناس ركعة، فأخبرت بذلك الناس، فقالوا لي‏:‏ أتعرف الرجل‏؟‏ قلت‏:‏ لا، إلا أن أراه، فمرّ بي، فقلت‏:‏ هذا هو، فقالوا‏:‏ هذا طلحة بن عبيد اللّه، انتهى‏.‏ رواه أبو داود ‏[‏في ‏"‏السهو - في باب إذا صلى خمسًا‏"‏ ص 153، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 261، و ص 323، والطحاوي‏:‏ ص 259‏.‏‏]‏‏.‏ والنسائي‏.‏ والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، وقال‏:‏ صحيح الإِسناد، قال النووي في ‏"‏الخلاصة‏"‏‏:‏ قالوا‏:‏ كان إسلام معاوية هذا قبل وفاة النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بشهرين، قال‏:‏ واعلم أنه قد جاء في رواية أبي هريرة - لقصة ذي اليدين - أنها صلاة الظهر، وفي رواية أنها صلاة العصر، كما سبق في ‏"‏الصحيح‏"‏، قال المحققون‏:‏ هما قضيتان، ورواية عمران بن الحصين قضية، وغيرهما أخرى‏.‏ وكذلك رواية معاوية بن حديج، وذو اليدين، اسمه‏:‏ الخرباق، وكنيته‏:‏ أبو العربان، عاش بعد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ زمانًا، وأما ذو الشمالين، فهو عمير بن عمرو الخزاعي، قتل يوم بدر شهيدًا، وهو غير المتكلم في حديث السهو‏.‏

هذا قول جميع الحفاظ، إلا الزهري، وقد اتفقوا على تغليظ الزهري في ذلك، واللّه أعلم، انتهى كلامه‏.‏

- الحديث الثامن والسبعون‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة، فليسبح‏"‏، قلت‏:‏ أخرجه البخاري ‏[‏في ‏"‏باب من دخل ليؤم الناس، فجاء الإمام الأول‏"‏ ص 94، ومسلم في ‏"‏باب تقديم الجماعة من يصلي بهم‏"‏ ص 179‏.‏‏]‏ ومسلم عن سهل بن سعد أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ذهب إلى بني عمرو ابن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال‏:‏ أتصلي بالناس‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فصلى أبو بكر، فجاء رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فأشار إليه‏:‏ أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد اللّه على ما أمره به رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فصلى، ثم انصرف، فقال‏:‏ ‏"‏يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك‏.‏ فقال أبو بكر‏:‏ ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق‏؟‏‏!‏ ‏"‏مَنْ نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء‏"‏، انتهى‏.‏ ولم يعزه الشيخ في ‏"‏الإمام‏"‏ إلا لمسلم فقط، فإنه قال‏:‏ أخرجه مسلم ‏[‏قلت‏:‏ أخرجه البخاري أيضًا من رواية مالك‏.‏‏]‏، من رواية مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعدن وأخرجا من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء‏"‏، انتهى كلامه‏.‏

- الحديث التاسع والسبعون‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏لا يقطع الصلاة مرور شيء‏"‏، قلت‏:‏ روى من حديث الخدري، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث أبي أمامة، ومن حديث أنس، ومن حديث جابر‏.‏

وأما حديث الخدري، فرواه أبو داود في ‏"‏سننه ‏[‏في ‏"‏باب من قال‏:‏ لا يقطع الصلاة شيء‏"‏ ص 111، والدارقطني‏:‏ ص 141، والبيهقي‏:‏ ص 278 - ج 2‏]‏‏"‏ من حديث مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏لايقطع الصلاة شيء، وادرءُوا ما استطعتم، فإِنما هو شيطان‏"‏، انتهى‏.‏ ومجالد بن سعيد فيه مقال، وأخرج له مسلم مقرونًا بجماعة من أصحاب الشعبي، وأخرجه الدارقطني، ثم البيهقي‏.‏

وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه ‏[‏ص 141، و‏"‏الموطأ في باب الرخصة في المرور بين يدي المصلي‏"‏ ص 55، والبخاري في المساجد - في ‏"‏باب لا يقطع الصلاة شيء‏"‏ ص 72، من قول الزهري‏]‏‏"‏ عن إبراهيم بن يزيد حدثنا سالم بن عبد اللّه عن أبيه أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏.‏ وأبا بكر‏.‏ وعمر، قالوا‏:‏ ‏"‏لا يقطع صلاة المسلم شيء، وادرءُوا ما استطعتم‏"‏، انتهى‏.‏ ووقفه مالك في ‏"‏الموطأِ حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه، قال‏:‏ ‏"‏لا يقطع الصلاة شيء من مرّ بين يدي المصلي‏"‏، انتهى‏.‏ ووقفه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ على الزهري، فأخرجه عن محمد بن عبد اللّه بن أخي الزهري، أنه سأل عمه ابن شهاب الزهري عن الصلاة، أيقطعها شيء‏؟‏ فقال‏:‏ لا يقطعها شيء، انتهى‏.‏

وأما حديث أبي أمامة، فرواه الدارقطني أيضًا ‏[‏ص 141، وفي ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 63 - ج 2، روى الطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ وإسناده حسن‏]‏ عن عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏لا يقطع الصلاة شيء‏"‏‏.‏

وأما حديث أنس، فأخرجه الدارقطني أيضًا عن صخر بن عبد اللّه ‏[‏صخر بن عبد الله، قال في ‏"‏التقريب‏"‏‏:‏ المدلجي الحجازي مقبول، غلط ابن الجوزي، فنقل عن ابن عدي أنه اتهمه، وإنما المتهم صخر بن عبد اللّه الحاجبي، اهـ‏.‏

‏]‏ بن حرملة أنه سمع عمر بن عبد العزيز، يقول عن أنس بن مالك‏:‏ أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ صلى بالناس، فمر بين أيديهم حمار، فقال عياش بن أبي ربيعة‏:‏ سبحان اللّه‏.‏ سبحان اللّه، فلما سلم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ ‏"‏من المسبح آنفًا‏؟‏ قال‏:‏ أنا يا رسول اللّه، إني سمعت أن الحمار يقطع الصلاة، قال‏:‏ لا يقطع الصلاة شيء‏"‏، انتهى‏.‏ وروى ابن الجوزي في ‏"‏العلل المتناهية‏"‏ هذه الأحاديث الثلاثة من طريق الدارقطني، وقال‏:‏ لا يصح منها شيء، قال في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ أما حديث ابن عمر، ففيه إبراهيم بن يزيد الخوزي، قال أحمد‏.‏ والنسائي‏:‏ هو متروك، وقال ابن معين‏:‏ ليس بشيء، وأما حديث أبي أمامة، ففيه عفير بن معدان، قال أحمد‏:‏ ضعيف، منكر الحديث، وقال يحيى‏:‏ ليس بثقة، وقال أبو حاتم الرازي‏:‏ ليس بثقة، وأما حديث أنس، ففيه صخر بن عبد اللّه، قال ابن عدي‏:‏ يحدث عن الثقات بالأباطيل، عامة ما يرويه منكر، أو من موضوعاته، وقال ابن حبان‏:‏ لا يحل الرواية عنه، انتهى كلامه‏.‏ وتعقبه ‏"‏صاحب التنقيح‏"‏، وقال‏:‏ إنه وهم في صخر هذا، فإن صخر بن عبد اللّه ابن حرملة الراوي عن عمر بن عبد العزيز لم يتكلم فيه ابن عدي، ولا ابن حبان، بل ذكره ابن حبان في ‏"‏الثقات‏"‏، وقال النسائي‏:‏ هو صالح، وإنما ضعف ابن عدي صخر بن عبد اللّه الكوفي، المعروف بالحاجبي، وهو متأخر عن ابن حرملة، روى عن مالك‏.‏ والليث‏.‏ وغيرهما، انتهى‏.‏

وأما حديث جابر، فرواه الطبراني في ‏"‏معجمه الوسط ‏[‏في ‏"‏الزوائد‏"‏ ص 62 - ج 2، رواه الطبراني في ‏"‏الأوسط‏"‏، وفيه‏:‏ يحيى بن ميمون، وهو ضعيف، وقد ذكره ابن حبان في ‏"‏الثقات‏"‏ اهـ‏.‏‏]‏‏"‏ عن عيسى بن ميمون عن جرير بن حازم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري، قال‏:‏ كان رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قائمًا يصلي، فذهبت شاة تمر بين يديه‏.‏ فساعاها، حتى ألزقها بالحائط، ثم قال‏:‏ ‏"‏لا يقطع الصلاة شيء، وادرءُوا ما استطعتم‏"‏، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ تفرد به عيسى بن ميمون، انتهى‏.‏ قال ابن حبان في ‏"‏كتابه - في الضعفاء‏"‏‏:‏ عيسى بن ميمون أبو سلمة الخواص الواسطي، يروي العجائب، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، انتهى‏.‏ وقال النووي في ‏"‏شرح مسلم‏"‏‏:‏ وحديث‏:‏ ‏"‏لا يقطع الصلاة شيء‏"‏ حديث ضعيف، انتهى‏.‏